كتب د.أبونور أحمدي
بعد اقرار مشروع ملف الاسم العلمي بالجمعية العمومية للصيادلة في 26 اكتوبر عام الفان و ثلاثة عشر تبادلت جموع الصيادلة الذين اقروا أو وافقوا علي الملف التهانئ علي مواقع التواصل الاجتماعي و تنوعت الألفاظ من الانجاز التاريخي إلي بداية عصر جديد إلي آخره من مصطلحات النصر و الانتصار
لجنة مشروع الاسم العلمي
د.احمد عبيد د.صالح منصور د.حسام حريرة د.محمد امين كمال د.هيثم عبدالعزيز د.رشا فاروق د.رشيد عبد العال -
موضوع الاسم العلمي موضوع بسيط و لكن تضخم بدون داعي كما سنري من السطور القادمة
السؤال المطروح هنا هو : لو دخلت أي وصفة طبية علي صيدلية و قام الصيدلي بتبديل الدواء من شركة إلي أخري مع الحفاظ علي المادة الفعالة بنفس التركيز و الشكل الدوائي , هل يتعرض للمسائلة القانونية ؟
بالطبع لا و لكنه سيتعرض لرجوع الدواء بعد قيام الطبيب بتوبيخه أو بالتنبيه علي المريض بأن الدواء غير ما هو مكتوب بالوصفة و بذلك ينفي مسئوليته عن نجاح العلاج بشكل تلقائي بدون الحاجة إلي أن يتفوه بكلمة إذا أصر المريض علي تغيير الدواء و معني هذا أن الطبيب (حتي مع اقرار موضوع الاسم العلمي ) له اليد العليا علي الصيدلي بصرف النظر عن وجود قوانين من عدمه
السؤال الثاني المطروح هو : إذا كانت الأدوية متشابهة في المادة الفعالة لماذا يقوم الصيادلة بتوفير العديد من المتشابهات و لا نسمع حديث الاسم العلمي الا عند عدم وجود الدواء الموصوف بالوصفة ؟ لماذا لا يقوم الصيدلي من البداية بتوفير صنف وحيد من كل مادة فعالة بتركيزات مختلفة علي أن يتحري العامل الاقتصادي بتوفير الأصناف الأرخص دائما ؟
و ما يحدث هو موروثات في التعامل مع الأدوية بتوفير كل الأدوية بصرف النظر عن محتواها حتي بصرف النظر عن نسبة الخصم عليها في كثير من الأحيان بما يتنافي مع أبسط قواعد إدارة رأس المال حيث تكون نسبة الخصم علي بعض الأصناف من 3 إلي 5% و قد يصل الأمر إلي شراء الأدوية الناقصة بثمنها و ربما أكثر
عند إجابة أي من السؤالين السابقين فإننا سنجد الصيدلي عند محاولته التصرف في أي اتجاه لمحاولة تصحيح الوضع الاقتصادي لصيدليته فإنه يصطدم بجدار صلب من المصالح الأخري و هذا لعدة أسباب سنحاول أن نتناولها فيما يلي
أولا : معروف أن الدواء كأي سلعة لها قنوات توزيع و في حالة الدواء فهي معروفة مسبقا و هي الصيدلية , فأي قناة توزيع ستنتهي إلي الصيدلية , و لتوسيع سوق الدواء أكثر مما يحتمل حدث التالي
تعاملت شركات الأدوية مباشرة مع المستشفيات سواء بوجود صيدليات بها أم لا تحت مسمي أدوية الطوارئ مما خلق قنوات توزيع جديدة
تعاملت شركات الأدوية مع شركات توزيع للأدوية تقوم باعطائها خصومات اضافية مقابل التخلص من عبء التوزيع و التعامل مع الصيدليات
تعاملت شركات الأدوية مع مخازن للأدوية مرخصة و غير مرخصة و أفراد و كل من يمكنه دفع نقودا سائلة أو كان مضمون الجانب
لم يكف كل هذا فتعاملت شركات الأدوية مباشرة مع الأطباء و خصوصا مع الأدوية غالية الثمن و المستوردة استيرادا خاصا كحقن الكبد و الخصوبة و السرطان و غيرها
كل ما سبق خلق المزيد و المزيد من قنوات التوزيع و لكن بما أنهم نفس المرضي فمعني ما سبق هو اقتطاع المزيد و المزيد من مبيعات سوق الدواء من الصيادلة و الذي يعني تحول البيع من خلال مبيعات مسجلة تحاسب عليها الضرائب إلي مبيعات غير مسجلة لا تمر علي النظام الضرائبي و بالتالي فالارباح و انعدام المسئولية لا يمكن وصفها
هذا التنوع في قنوات التوزيع يوافق عليه الجميع بما فيهم الصيادلة لتنويع مصادر الأدوية و هذا التعدد يضمن توفر أي دواء من جهة في حالة نقصه من جهة أخري و هو ما يعني في حالة تطبيق الاسم العلمي إلي اختفاء كل قنوات التوزيع هذه مع بقاء قناة توزيع الأطباء أو نموها و لكن بشكل محدود و في الأصناف الخاصة و الغالية فقط
و من هو علي استعداد لفعل هذا ؟
إنها الشركات العالمية متعددة الجنسيات
قد تتعجب و لكنها الحقيقة لأن هذه الشركات تواجه منافسة شرسة من شركات عديدة و كل أدويتها الجديدة لم يظهر لها أمراضا بعد في الدول النامية أو لم تتطور طرق التشخيص بالقدر الكافي لاكتشاف الأمراض الصعبة و المعقدة الاكتشاف مما يعني كساد كل الاكتشافات الجديدة
فما الحل اذن ؟ هناك مثل قديم يقول : عندما يفلس الخواجة , ينظر في دفاتره القديمة
عند التعامل بالاسم العلمي تتساوي جميع الأدوية حيث أن الاسم التجاري لا يعني شيئا للمريض و لا يرتبط في ذهنه بأي شئ بدليل نسيان اسم الدواء سريعا حتي و لو كان يستخدمه لسنوات طويلة
عند التعامل بالاسم العلمي يكون المادة الفعالة علي شكل ملح صوديوم لا تساوي التي علي شكل بوتاسيوم , ريزينات , اس ار , ام ار , أمينو أسيد كومبليكس إلي أي شكل دوائي يمكن الوصول إليه و اعتباره صنفا جديدا طالما المادة الفعالة موجودة و بشكل مختلف
و هكذا باسم علمي جديد (من مادة فعالة قديمة ) و لون مميز لعلبة الدواء و تركيبة جديدة مطورة شكليا و سعر أعلي مختلف و صناعة أوروبية أو أمريكية و هو ما يحدث بالفعل الآن حيث توقفت رخص تصنيع الدواء بالمصانع المحلية لتستورد مباشرة من الخارج فالمريض أمام اختيار جديد
ماذا يفعل المريض ؟
هل يأخذ دواءا رخيصا مختلف عما وصفه الطبيب عندما قال له الصنف الأول أزرق و الثاني أصفر فوجد في الصيدلية الصنف الأول أخضر و الثاني أحمر و لغة الألوان أقوي من الأسماء و عند سؤال الصيدلي فيقول له إن أصناف الطبيب أغلي و أمريكية أو أوربية الصنع , اذا كنت في مكانه فماذا تفعل عندما يتعلق الأمر بصحتك ؟
أستطيع أن أجزم بأنك ستأخذ الدواء الأغلي مباشرة لأن الصحة غالية و لن تؤخر شيئا مقابلها حتي و لو يعني هذا دفعك لمبالغ أكبر
أليس هذا انتاج للمشكلة و لكن بشكل جديد ؟
كل هذا اللبس ناتج من شئ بسيط هو المقارنة بين شيئين مختلفين في الخصائص كأن تقول الطائرة أسرع أم الجبل أعلي ؟
فبينما يتحدث الصيادلة كقناة توزيع
, يتحدث الأطباء كقناة توصية
قناة التوصية تتضمن الطبيب في حالات توقيع الكشف , الصيدلي في حالات الأوتي سي , الصديق لصديقه أو مجرب للدواء في كثير من الأحيان
ففي حين يتحدث الصيادلة عن اقتصاديات الصيدليات من تراكم الأدوية و مشاكل المرتجعات ( و هو أساس ملف الاسم العلمي لتحسين دورة الصيدلية الاقتصادية ) يتحدث الأطباء عن مصلحة المريض من فعالية الدواء و نجاحه في العلاج حتي و ان استخدموا كلاما غير صحيح و لكنه أقرب إلي عقول الناس
فكيف لك يا صيدلي أن تغير الدواء و أنت لم تقم بعمل “ الفحص السريري” للحالة و لا تعرفها
و الأسوء من ذلك أن الوصفة من الأساس لا تحتوي علي تشخيص و لا توقيع الطبيب و لا ختم الطبيب و لا أي شئ فعلي أي أساس ستغير الدواء ؟ هل فقط لأنه ليس لديك بالصيدلية ؟ هل لو كان موجودا كنت ستقوم بصرف الصنف الأرخص ؟ لماذا تقوم إذا بصرف مضاد حيوي بدون وصفة و هو ليس تخصصك و باعتراف الصيادلة أنفسهم و القوانين المنظمة ؟
و الأقرب بطبيعة الحال إلي المريض هو الطبيب كقناة توصية فلقد ذهب إليه من الأساس لهذا الغرض و هو يريد الشفاء سريعا علي هذا الأساس و لن يسمح لك بالتدخل لأن هذه ليست الخطة من الأساس
فلكي يتدخل الصيدلي يجب أن يتدخل من مستوي أعلي و هذا يتطلب ثلاثة أشياء
:
معرفة التشخيص
و التاريخ المرضي للمريض
و أن يأخذ مقابلا للملكية الفكرية نتيجة لما يقوم به من هذا العمل
و بالتالي لا يكون حريصا علي صرف الوصفة بقدر ما هو حريص علي مصلحة المريض
فلن يقوم مثلا بصرف مضاد حيوي من أنواع معينة لعدم إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة و لن يقوم بصرف أنواع أخري لأنها مؤثرة علي الحالة النفسية أو تسبب الحساسية الجلدية بما يتعارض مع التاريخ المرضي للمريض و سيقوم بتعديل مواعيد الدواء بما يضمن عدم التداخل بينها و بين أدوية أخري و يصدر توصية بهذا يقوم الطبيب علي أساسها بمراجعة التشخيص و وصف الدواء بما يتناسب مع المعلومات الجديدة و التي لم تكن متوافرة لقصور الخبرة الدوائية الشاملة لديه و التي توجد لدي الصيدلي
هذا يتطلب جهدا اضافيا من الصيدلي غير موجود و لا يمكن أدائه مجانا و لا يمكن اختصار عمل الصيدلي في أنه يدرك أن الاسم العلمي لهذا الدواء موجود لدي شركات دوائية أخري
ثانيا : نتيجة للفوضي الموجودة بالصيدليات و صرف الأدوية من غير الصيادلة و سوء خط الأطباء في الوصفات الطبية قد يحدث مثلا الخلط بين الاريثرومايسين و الازيثروميسين فما هي الضوابط و الضمان لصحة المريض حتي بعد تطبيق الاسم العلمي ؟ و هذا الوتر يلعب عليه الأطباء بشدة لأنهم ملتزمون في عيادتهم فلا تري ممرضا يقوم بتوقيع الكشف علي مريض بينما يقوم أي “مساعد” بصرف الدواء بالصيدلية و في نفس الوقت لا يتحدث الأطباء عن استهتارهم في كتابة الوصفة بخط ردئ
ثالثا : المنتجات و التي يطلب فيها رأي الصيدلي كقناة توصية تعتبر فقيرة المكسب كمستحضرات التجميل حيث أنها محددة الأسعار و نسبة أرباحها بعد تطبيق ضرائب المبيعات عليها جعلها لا تسمن و لاتغني من جوع و تنوعها الشديد يجعل مكسبها ضائعا بين مرتجعاتها و انتهاء صلاحيتها و كسر بعضها و انتهاء اعلاناتها و وجودها يمثل عبئا ثقيلا و لا يتناسب مع تصحيح وضع الصيدلية الاقتصادي
التوصيات
من هذا الموضوع يمكن أن نخرج بتوصيات مبدئية و نرجو منكم المشاركة بالتعليقات و مشاركة الموضوع لاثراء الحوار
أولا : اقرار ملف الاسم العلمي ليس نهاية متاعب الصيادلة و لكنه بداية مشوار طويل و تضارب مصالح مع آخرين لن يتنازلوا عنها بسهولة
ثانيا : يمكنك البدء مباشرة في تطبيق الاسم العلمي بمنع الأدوية المتشابهة علي أساس أرخص سعر حتي يكون المبدء مصلحة المريض المالية و التأكيد علي نزاهة الصيدلي و ستشعر براحة كبيرة عند التخلص من العبء المالي الكبير الغير مبرر بالصيدلية و يمكنك البدء بانهاء الموجود أولا مع ارتجاع ما يمكن ارجاعه
ثالثا : التثبت من حالات الأو تي سي و التمكن منها جيدا و هن بالمناسبة 44 حالة قمنا بتصوير معظمها و جاري استكمال الحلقات علي الرابط التالي
و هذه قناة خاصة باهتمامات الصيادلة و الأطباء تابعة للمدونة و بها العديد من قوائم التشغيل الأخري و الاشتراك بها مجاني
رابعا : التخلص من مستحضرات التجميل التي لا يمكن التعامل معها كقناة توصية ( بأن تصفها علي أساس طبي لعميل الصيدلية )و توفير مستحضرات التجميل القيمة و بكميات صغيرة من الأصناف التي يتم الاعلان عنها من قنوات توصية أخري كاعلانات التليفزيون مثلا علي أن يتوافر فيها العنصر التجاري البحت بأن يكون عليها خصومات كبيرة مفيدة
خامسا : تقليل كميات الأدوية بشكل عام لتحسين دورة رأس المال
سادسا : تحديد أوقات العمل بالصيدلية لأوقات معينة تكون موجودا بها لا تزيد عن 6- 8 ساعات كمعظم الأطباء و عموما فإن الصيدلية جزء من الحياة و ليست الحياة كلها
سابعا : إذا أمكن تغيير ديكور الصيدلية بما يتناسب مع الدور الأصلي الجديد الذي تقوم به مع المريض : مكتب أكبر , مكان لجلوس المرضي , كومبيوتر حديث مخزن عليه مراجع و برامج تفيد التعامل مع الحالة الطبية
ثامنا : التعامل يكون مع صاحب الحالة بالأساس أو في حالات استثنائية التعامل مع من يمكنه تلبية متطلبات التعامل مع الحالة
تاسعا : تثقيف المريض من حيث ضرورة الحصول علي تشخيص من الطبيب و الاحتفاظ بالتاريخ المرضي للحالة
عاشرا : التعليم المستمر مع الحصول علي درجة علمية في الصيدلة السريرية إن أمكن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق